Ringkasan Kitab ULUMUL QUR'AN

مـلزمـة علـوم القــــرأن

لطلبة المدرسة العاليـّة
المعهد الإسـلامي إحيـاء العلـوم

الدرس الأول :
القرآن والوحي والإلهام

١) القرآن
القرآن لغة : القرآن مصدر من "قرأ" بمعنى "تلا". قال تعالى ﴿إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ. فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ. - القيامة: ١٧- ١٨﴾
القرآن إصطلاحا : كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المعجز بلفظه المتعبد بتلاواته المنقول إلينا بالتواتر المكتوب في المصاحف من أول سورة الفاتحة إلى أخر سورة الناس.

٢) الوحي
الوحي لغة : الوحي مصدر, ومادة الكلمة تدل على معنيين أصليين, هما: الخفاء والسرعة. قال تعالى ﴿وَأَوْحَيْنَا إلى أُمِّ مُوْسَى أَنْ أَرْضِعِيْهِ. - القصص: ٧﴾
الوحي إصطلاحا : عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله تعالى بواسطة أو بغير واسطة.

أ- مراتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم
كما فصلتها كتب الحديث كما يلي:
أولا   : الرؤية الصادقة في المنام
ثانيا   : ما كان يلقيه الملك في قلبه من غير أن يراه
ثالثا   : ما كان يأتيه الملك مثل صلصلة الجرس والصوت القوي
رابعا  : أن يتمثل له جبريل رجلا فيكلم إليه
خامسا : رؤية الملك في صورته التي خلق بها, فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه
سادسا : ما أوحى الله إليه به وهو فوق السموات ليلة المعراج من فرض الصلوات وغيرها
سابعا  : تكليم الله له من وراء حجاب بلا واسطة ملك كما كلم الله نبيه موسى عليه السلام

٣) الإلهام
الإلهام لغة : مصدر من  أَلهَم َ– يلهم – إلهاما.
الإلهام إصطلاحا : إيقاع شيئ في القلب يطمئن له الصدر يخص الله بعض أصفيائه, ويطلق الإلهام لكل ما يلقى في القلب من معان وأفكار.
المناسبة بين الوحي والإلهام: هما طريقان من طريق تعليم الله لعباده.
والفرق بين الوحي والإلهام : الوحي خاص للأنبياء والمرسلين. والإلهام عام للمؤمنين بحسب إيمانهم ودرجاتهم.


٤) تعريف الآية والسورة في القرآن

أ- تعريف الآية لغة
١- بمعنى العلامة, منه قوله تعالى ﴿إنَّ ءايَةَ مُلْكِهِ أن يَأْتِيَكُمُ التّابوتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَّبِّكُمْ- البقرة: ٢٤٨﴾
٢- بمعنى الدليل, منه قوله تعالى ﴿وَمِنْ ءايَاتِهِ أنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إذا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُوْنَ-الروم: ٢٠﴾
٣- بمعنى العبرة, منه قوله تعالى ﴿إنَّ فِي ذالِكَ لأيَةً وَماَ كَانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِيْنَ - الشعراء : ٨﴾
٤- بمعنى المعجزة, منه قوله تعالى ﴿سَلْ بَنِيْ إسْرَائِيْلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ ءَايَةٍ بَيِّنَةٍ - البقرة : ٢٤٨﴾

ب- تعريف الآية اصطلاحا
الآية إصطلاحا : الآية جزء من السورة لها مبدء ونهاية, وأخرها يسمى فاصلة.

ت- ترتيب الآيات
ترتيب الآية في سورها توقيفي, فقد كان جبريل عليه السلام يوقف النبي صلى الله عليه وسلم على مواضع الآية من سورها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ضعوا آية كذا في سورة كذا.
وتعداد الآيات في القرآن فستة آلاف ومائتا آية, واختلفوا فيما زاد عن ذالك, وقيل ستة آلاف وست مائة وستة وستون آية. وأطول الآيات آية الدين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ أَمَنُوْا إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلى أجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوْهُ...-البقرة: ٢٨٢﴾

ث- معنى السورة
- قال مناع القطان : السورة هي الجملة من آيات القرآن ذات المطلع والمقطع.
- وقال بعضهم    : السورة طائفة من آيات القرآن جمعت وضمت بعضها إلى بعض حتى بلغت في الطول المقدار الذي أراده الله سبحانه وتعالى.

ج- الحكمة في تسوير القرآن
١- حسن الترتيب والتنويع والتبويب
٢- تسهيل الحفظ وبعث الهمة والنشاط
٣- أن في التسوير والتفصيل تلاحق الأشكال والنظائر وملائمة بعضها لبعض




ح- ترتيب السور
ومعرفة ترتيب سور القرآن كلها توقيفي كمعرفة ترتيب آياته. وقيل بعضها توقيفي وبعضها اجتهاد الصحابة.
وكل سورة القرآن بدئت بالبسملة إلا " براءة (التوبة) ". وتعداد السور مائة وأربع عشرة سورة, وقيل مائة وثلاث عشرة سورة بجعل الأنفال وبراءة سورة واحدة. وأطول السور سورة البقرة.

خ- تقسيم القرآن بحسب سوره
١- الطوال : سبع : ١- البقرة, ٢- آل عمران, ٣- النساء, ٤- المائدة, ٥- الأنعام, ٦- الأعراف, ٧- الأنفال               وبراءة (التوبة) معا لعدم الفصل بينهما بالبسملة. وقيل السابعة هي يونس.
٢- المئون : ما ولى السبع الطوال : سميت بذالك لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها. وهي:...
٣- المثاني : ما ولى المئين : سميت بذالك لأنها تثني في القراءة وتكرر أكثر من الطوال والمئين. وهي:....
٤- المفصل : ما يلي المثاني من قصار السور : سميت مفصلا لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة.
والمفصل ثلاثة أقسام:- طوال : من سورة الحجرات إلى سورة البروج.
- أوسط : من سورة الطارق إلى سورة البينة.
- قصار : من سورة الزلزلة إلى آخر القرآن.

٥) اسماء القرآن وأوصافه
أ- للقرآن الكريم أسماء كثيرة أشهرها :
١. القرآن. قال تعالى ﴿إنَّ هذا القرآنَ يَهْدِيْ لِلَّتِيْ هِيَ أقْوَمُ – الإسراء: ٩﴾
٢. الكتاب. قال تعالى ﴿حم. والْكِتَابِ اْلمُبِيْنِ – الدخان: ١ – ٢ ﴾
٣. التنزيل. قال تعالى ﴿لا يَأْتِيْهِ اْلبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيْلٌ مِنْ حَكِيْمٍ حَمِيْدٍ – فصلت: ٤١﴾
٤. الذكر. قال تعالى ﴿وإنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ – الزخرف: ٤٤﴾
٥. الفرقان. قال تعالى ﴿تَبَارَكَ الَّذِيْ نَزَّلَ اْلفُرْقَانَ على عَبْدِهِ لِيَكُوْنَ لِلْعَالَمِيْنَ نَذِيْرًا – الفرقان: ١﴾
ب- للقرآن الكريم أوصاف كثيرة, منها :
١. نور : ﴿ يَا أيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إلَيْكُمْ نُوْرًا مُبِيْنًا – النساء: ١٧٤﴾
٢. هدى : ﴿ يَا أيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا في الصُّدُوْرِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ  لِلْمُؤْمِنِيْنَ – يونس: ٥﴾
٣. مجيد : ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيْدٌ – البروج: ٢١﴾
٤. شفاء : ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ اْلقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ – الإسراء: ٨٢﴾
٥. عزيز : ﴿ وإنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيْزُ – فصلت: ٤١﴾
٦. بشير و نذير : ﴿بَشِيْرًا وَنَذِيْرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُوْنَ – فصلت: ٤﴾

الدرس الثاني :
محتويات القرآن
احتوى القرآن على ما يأتي :
١- العقائد التي يجب الإيمان بها في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وقضاء الله خيره وشره. وهي الحدة الفاصلة بين الإيمان والكفـر.
٢- الأحكام العملية التي وضعها أو وضع أصولها وكلفنا اتباعها في تنظيم علاقاتنا بالله وعلاقتنا بعضنا ببعض. وهي المسماة بفقه القرآن أوالشريعة.
فجاء في العبادات على اختلاف أنواعها من صلاة, وصوم, وزكاة, وصدقة, وحج, وجهاد, ويمين, ونذر, ما يقرب من مائة وأربعين آية.
وجاء في أحكام الزواج والطلاق وما يتبعها من مهر, ونفقة, وحضانة, ورضاع, ونسب, وعدة, ووصية, وإرث, ما يقرب من نحو سبعين آية.
وجاء في أحكام المعاملات المالية كالبيع, والإجارة, والرهن, والمداينة, والتجارة, ما يقرب من نحو سبعين آية.
وجاء في أحكام الجناية كالقتل, والسرقة, ومحاربة الله في أرضه, والزنا, والقذف, ما يقرب من ثلاثين آية. وغير ذالك من جميع أحكام العملية قد وضعه الله تعالى في قرآنه.
٣- الأخلاق الفاضلة التي تذهب النفوس وتصلح من شأن الفرد والجماعة.
٤- الإرشاد إلى النظر والتدبر في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شئ لتعرف أسرار الله في كونه وإبداعه في خلقه.
٥- قصص الأولين أفرادا وأمما.
٦- الإنذار والتخويف, والوعد والوعيد.















الدرس الثالث :
نزول القرآن
١) معنى النزول
أ- النزول لغة :
الحلول. يقال نزل فلان بالمدينة: حل بها. منه قوله تعالى ﴿رَبِّ أنْزِلْنِيْ مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَأنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِيْنَ – المؤمنون: ٢٩﴾
تحرك الشئ من علو إلى سفل. يقال نزل فلان من الجبل: منه قوله تعالى ﴿أنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً – الرعد: ١٧﴾
ب- النزول اصطلاحا : نزول القرآن إلى السماء الدنيا, أو على النبي صلى الله عليه وسلم.
وجودات القرآن الكريم ثلاثة:
١- وجوده في اللوح المحفوظ
٢- وجوده في السماء الدنيا
٣- وجوده في الأرض بنزوله على النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان القرآن قبل نزوله ثابتا موجودا في اللوح المحفوظ, كما قاله تعالى ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيْدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوْظٍ (٢٢)– البروج: ٢١-٢٢﴾
فالمراد بلفظ "النزول" يعني الوجود الثاني والثالث. أما الوجود الأول فلم يرد لفظ "النزول".


٢) أول ما نزل من القرآن وآخره ما نزل منه
أ- أول ما نزل من القرآن :
القول الأول : ﴿إقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِيْ خَلَقَ. خَلَقَ اْلإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. إقْرَأْ وَرَبُّكَ اْلأَكْرَمُ. الَّذِيْ عَلَّمَ بِاْلقَلَمِ. عَلَّمَ اْلإِنْسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ – العلق: ١-٥﴾ عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها, ورواه البخاري ومسلم.
القول الثاني : ﴿يَا أيُّهَا اْلمُدَثِّرُ. قُمْ فَأنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ – المدثر:١-٥﴾ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما, ورواه البخاري ومسلم.
القول الثالث : ﴿بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الريم. مالك يوم الدين. إياك نعبد وإياك نستعين. اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين – الفاتحة: ١-٧﴾ وقد عزى هذا القول الزمخشري في كتابه "الكشاف إلى أكثر المفسرين".
ب- آخر ما نزل من القرآن :
ليس في هذا الموضوع أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما آثار مروية عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين. فاختلف العلماء في آخر ما نزل من القرآن اختلافا كثيرا, منها:
- القول الأول : ﴿وَاتَّقُوْا يَوْمًا تُرْجَعُوْنَ فِيْهِ إلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُوْنَ– البقرة: ٢٨١﴾ من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما, ورواه النسائي. وهذه الرأي هو أرجح الآراء.
- القول الثاني : ﴿يَا أيّهُاَ الَّذِيْنَ آمَنُوْا اتَّقُوْا اللهَ وَذَرُوْا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إنْ كُنْتُمْ مَؤْمِنِيْنَ– البقرة: ٢٧٨﴾ عن ابن عباس رضي الله عنه, وأخرجه البخاري.
- القول الثالث : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ أَمَنُوْا إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلى أجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوْهُ...- البقرة: ٢٨٢﴾ عن ابن شهاب الزهري رضي الله عنه, وأخرجه أبو عبيد في كتاب "فضائل القرآن".
- القول الرابع : ﴿إذَا جاءَ نَصْرُاللهِ وَاْلفَتْحُ...- النصر: ١-٣﴾ عن ابن عباس رضي الله عنه, ورواه مسلم والنسائي.

٣) المكي والمدني
أ- تعريف المكي والمدني
للعلماء في تعريفهما اصطلاحات ثلاثة :
- الرأي الأول : ما عليه جمهور العلماء :
- مكي : ما نزل قبل الهجرة وإن كان نزوله بغير مكة, ويدخل فيه ما نزل في سفر الهجرة.
- مدني : ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بغير مدينة, ويدخل فيه ما نزل في أسفار بعد الهجرة.
الرأي الثاني : - مكي : ما نزل بمكة, ويدخل فيه ما نزل بمنى وعرفات وحديبية.
- مدني : ما نزل بمدينة, ويدخل فيه ما نزل ببدر وأحد.
الرأي الثالث : - مكي : ما وقع خطابا لأهل مكة.
- مدني : ما وقع خطابا لأهل مدينة.

ب- ضوابط المكي ومميزاته الموضوعية
ضوابط المكي : ١- كل سورة فيها سجدة
٢- كل سورة فيها لفظ "كلا", إلا في النصف الأخير من القرآن
٣- كل سورة فيها "يا أيها الناس".
٤- كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الغابرة
٥- كل سورة فيها قصص آدم وإبليس
٦- كل سورة تفتح بحروف التهجي كـ "آلم" و "حم" ونحو ذالك.

ومميزاته الموضوعية المكي :
١- الدعوة إلى التوحيد وعبادة الله وحده, وإثبات الرسالة, وإثبات البعث والجزاء, وذكر القيامة وهولها, والنار وعذابها, والجنة ونعيمها, ومجادلة المشركين بالبراهين العقلية والآيات الكونية.
٢- وضع الأسس العامة للتشريع والفضائل الأخلاقية التي يقوم عليها كيان المجتمع, وفضح جزاء المشركين في سفك الدماء وأكل أموال اليتامى ظلما, ووأد البنات, وما كانوا عليها من سوء العادات.
٣- ذكر قصص الأنبياء والأمم السابقة جزرا لهم حتى يعتبروا بمصير المكذبين قبلهم, وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصبر على أذاهم ويطمئن إلى الانتصار عليهم.
٤- قصر الفواصل مع قوة الألفاظ, وإيجاز العبارة بما يصبح الأذان ويشتد قرعه على المسامع, ويصعق القلوب, ويؤكد المعنى بكثرة القسم, كقصار المفصل إلا نادرا.

ت- ضوابط المدني ومميزاته الموضوعية
- ضوابط المدني : ١- كل سورة فيها فريضة أو حدّ
 ٢- كل سورة فيها ذكر المنافقين
 ٣- كل سورة فيها مجادلة أهل الكتاب.
ومميزاته الموضوعية المدني :
١- بيان العبادات والمعاملات, والحدود, ونظام الأسرة, والمواريث, وفضيلة الجهاد, والصلات الإجتماعية, والعلاقات الدولية في السلم والحرب, وقواعد الحكم ومسائل التشريع.
٢- مخاطبة أهل الكتاب من اليهودي والنصارى, ودعوتهم إلى الإسلام وبيان تحريفهم لكتاب الله, وتجتنبهم على الحق واختلافهم من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم.
٣- الكشف عن سلوك المنافقين وتحليل نفسيتهم, وإزاحة الستارعن خباياهم, وبيان خطرهم على الدين.
٤- طول المقاطع والآيات في أسلوب يقرر الشريعة ويوضح أهدافها.

٤) طريقة نزول القرآن الكريم
- النزول الأول : نزول القرآن من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة في رمضان ليلة القدر. كما قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيْهِ اْلقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ اْلهُدَى وَاْلفُرْقَانِ-البقرة: ١٨٥﴾, وقال تعالى في سورة القدر: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ اْلقَدْرِ-القدر:١﴾
- النزول الثاني : نزول القرآن منجما مفرقا على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة حسب الوقائع والأحداث منذ بعث صلوات الله وسلامه عليه إلى أن توفي. كما قال تعالى : ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيْلاً-الإسراء: ١٠٦﴾.
وفي هذا النوع قد نزل بالقرآن جبريل عليه الصلاة والسلام على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم. كما قال تعالى : ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيْلٌ مِنْ رَبِّ اْلعَالَمِيْنَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوْحُ اْلأَمِيْنُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُوْنَ مِنَ اْلمُنْذَرِيْنَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِيْنٍ.-الشعراء:١٩٢-١٩٥﴾

٥) حكمة نزول القرآن منجما مفرقا
- الأولى : تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتطمئن قلبه وخواطره. قال تعالى ﴿كَذَالِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيْلاً - الفرقان: ٣٢﴾ 
- الثانية : التدرج في تربية الأمة دينيا وخلقيا وإجتماعيا وعقيدة وعلما وعملا. قال تعالى ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيْلاً - الإسراء: ١٠٦﴾
- الثالثة : مجاراة الحوادث والنوازل والأحوال والملابسات في تفرقها وتجددها. قال تعالى ﴿وَلاَ يَأْتُوْنَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِاْلحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيْرًا - الفرقان: ٣٣﴾
- الرابعة : بيان إعجاز القرآن الكريم على أبلغ وجه وأكده. قال تعالى ﴿وَلاَ يَأْتُوْنَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِاْلحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيْرًا - الفرقان: ٣٣﴾






































الدرس الرابع :
أسباب النزول

١) تعريف سبب النزول
سبب نزول القرآن يكون قاصرا على أمرين :
١- أن تحدث حادثة فيتنزل القرآن الكريم بشأنها.
٢- أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فيتنزل القرآن ببيان الحكم فيه.
ولا يعني هذا أن يلتمس الإنسان لكل آية سببا, فإن القرآن لم يكن نزوله وقفا على الحوادث والوقائع, أو على السؤال, بل كان القرآن يتنزل ابتداء, بعقائد الإيمان, وواجبات الإسلام, وشرائع الله تعالى في حياة الفرد وحياة الجماعة. فقال الجعبري: نزل القرآن على قسمين: نزل ابتداء (بلا سبب), و نزل عقب واقعة أو سؤال (بسبب).
ولهذا تعريف سبب النزول: هو ما نزل قرآن بشأنه وقفا بوقت ووقاعة كحادثة أو سؤال ببيان الحكم فيه.

٢) ما يعتمد عليه في معرفة سبب النزول
والعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, أو عن الصحابة, فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا إذا كان صريحا لا يكون بالرأي, بل يكون له حكم المرفوع. قال الواحدي: "لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل, ووقفوا على الأسباب, وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلب".

٣) فوائد معرفة سبب النزول
بيان الحكمة التي دعت إلى تشريع الحكم من الأحكام, ومعرفة مراعاة التشريع للمصالح العامة في علاج الحوادث رحمة بالأمة.
تخصيص حكم ما نزل إن كان بصيغة العموم بالسبب, لأن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
إذا كان لفظ ما نزل عاما وورد دليل على تخصيصه فمعرفة السبب تقصر على ما عدا صورته.
خير سبيل لفهم معاني القرآن, وكشف الغموض الذي يكتنف بعض الآيات في تفسيرها ما لم يعرف سبب نزولها.
معرفة من نزلت فيه الآيات حتى لا تحمل على غيره بدافع الخصومة والتحامل.

الدرس الخامس
جمع القرآن

لجمع القرآن معنيان :
المعنى الأول : جمع القرآن بمعنى حفظه.
المعنى الثاني : جمع القرآن بمعنى كتابته.

- المعنى الأول " جمع القرآن بمعنى حفظه "
وهذا المعنى هو الذي ورد في قوله تعالى ﴿لاَ تُحَرَّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إن علينا جمعه وقرآنه (١٧) فإذا قرأناه فاتبع قرآنه (١٨) ثم إن علينا بيانه (١٩) - القيامة: ١٦-١٩﴾
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه ولسانه بالقرآن إذا أنزل عليه قبل فراغ جبريل من قراءة الوحي حرصا على أن يحفظه. فأنزل الله الآيات المذكورة بحفظه وكان عليه السلام أول الحفاظ وتيسر ذالك لنخبة من صحابته على عهده منهم : عبد الله بن مسعود, وسالم بن معقل مولى أبي حذيفة, ومعاذ بن جبل, وأبي بن كعب, وزيد بن ثابت, وأبو زيد بن السكن, وأبو الدرداء.

- المعنى الثاني " جمع القرآن بمعنى كتابته "
لقد اتخذ جمع القرآن بمعنى كتابته في ثلاثة عهود في الأول الإسلام:
أولها : عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ثانيها : عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه
ثالثها : عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه

١) جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
كان الصحابة رضوان الله عليهم يكتبون ما ينزل من القرآن ابتداء من أنفسهم, دون أن يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم, فيخطونه  في العسب (جمع عسيب وهو جريد النخل) واللخاف (جمع لخفه وهي الحجارة الرقاق أو صفائح الحجارة) والأكتاف (جمع كتف وهو عظم البعير أو الشاة) والأقتاب (جمع قتب وهو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه) وقطع الأديم أي الجلد.
حيث كان الوحي يتنزل تباعا فيحفظه القراء, ويكتبه الكتبة, ولم تدع الحاجة إلى تدوينه في مصحف واحد, لأنه صلى الله عليه وسلم يرتقب نزول الوحي من حين لآخر, وقد يكون منه الناسخ لشئ نزل من قبل, وكتابة القرآن لم يكن ترتيبها بترتيب النزول بل تكتب الآية بعد نزولها حيث يشير صلى الله عليه وسلم إلى موضع كتابتها بين آية كذا وآية كذا في سورة كذا.
وحين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن مخفوظ في الصدور, ومكتوب في الصحف, مفرق الآيات والسور, أو مرتب الآيات فقط, وكل سورة في صحيفة على حدة, بالأحرف السبعة, ولم يجمع في مصحف عام.

٢) جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه
لقد كتب القرآن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنه كان مفرق الآيات والسور, وأول من جمعه في مصحف واحد مرتب الآيات والسور كما رويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وكان جمع أبي بكر للقرآن بعد موقعة اليمامة سنة اثنتي عشرة للهجرة, ففي تلك الموقعة استشهد سبعون من حفظة القرآن من الصحابة, فهال ذالك عمر بن الخطاب واقترح على أبي بكر أن يجمع القرآن. فأرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت لمكانه في القراءة والكتابة والفهم والعقل.
وقام زيد بن ثابت في مهمة الشاقة معتمدا على المحفوظ في صدور القراء, والمكتوب لدى الكتبة, وبقيت تلك الصحف عند أبي بكر حتى إذا توفي سنة ثلاث عشرة للهجرة, صارت بعده إلى عمر وظلت عنده حتى أن توفي, ثم كانت عند حفصة ابنته صدرا من ولاية عثمان حتى طلبها عثمان من حفصة.
وروي بعض العلماء أن تسمية القرآن بالصحف نشأت في عهد أبي بكر بهذا الجمع. وعن علي قال : "أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر, رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله.

٣) جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه
لقد اتسعت الفتوحات الإسلامية وانتشر القراء في الأمصار المختلفة وقد أخذ القراءات أهل هذه الأمصار عنهم, وقد اختلفت القراءات بإختلاف الأحرف التي نزلت عليها القرآن. وبعد غزوة أرمينية وأذربيجان كان حذيفة بن اليمان قد رأى الإختلاف في القراءة وما ينشأ عنها, ففزع إلى عثمان بما رأى وأخبر الصحابة على هذا الأمر مخافة أن ينجم عن التحريف والتبديل, وأجمعوا أمرهم على أن ينسخوا المصحف الموجود عند أبي بكر ويجمعوا الناس عليه بالقراءات الثابتة على حرف واحد.
فاستعار عثمان الصحف إلى حفصة, وأمر إلى زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القريشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم مع زيد بن ثابت في شيئ من القرآن الكريم فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم". ففعلوا حتى نسخوا الصحف في المصاحف, و رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل آفاق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.

وقد اخـتلف في عـدّة المصـاحف التي أرسل بهـا عثمـان في الأفـاق :
قيـل كـان عددهـا أربعة : العراق , الشـام , المـصرى , ومصحف الامـام .
قيل عددهـا خمسـة :  كـما قأل السيوطي
وقيل عددهـا سبعة : ارسلت الي الكـوفة , البصـرة , الشـام , مـكة , اليمـن , البحـرين والبـاقي بـالمدينة.
أمـا المصحف التي ردّت الي حفصة فقد ظلّت عندهـا حتى مـاتت ثمّ غسلت غـسلا  , وقيل أخـذهـا مروان بن الحكـم وأحـرقهـا.

س : مـا الفرق بين الجمع في عهـد أبي بكـر وعـمر ؟
ج : جمع أبو بكـر كـان نقلا لمـا كـان مفرّقا في الرقأع والأكـتاف والعسب وجمعا له في مصحف واحـد مرتّب الأيـات والسـور.
جـمع عثمـان كـان نسخـا له في مصحف واحـد من الحروف السبعة واقتصـر من سـائر اللغـات على لغة قريـش.
حـفاظ القـرأن وتكميل الشكـل والنقـط
1- الـرسم العثمـاني : هـو الطـريقة الخـاصّة في كـتابة كلمة القـرأن وحـروفه التي اتبعت اللجـنة الـربأعيّة في استنسـاخ مصـاحف الأمـصار على عـهد عثمـان ابن عفـان.

2-  الشكـل والنقط 
النقط له معنيـان :
مـايدلّ على مـا يعـرض للحـرف من حركـات أو سكـون أو شـدّ أو مـدّ أو نحو ذلك 
مـا يدلّ على ذوات الحـروف , ويميّز بين معجمهـا ومهمـلهـا , كنقطة البـاء في الأسفـل و....
الشكـل : مـايدلّ على مـا يعـرض للحـرف من حركـات أو سكـون أو شـدّ أو مـدّ أو نحو ذلك . ويرادفه الضبط , ولهـذ نعرف أن معني الشكـل متسـاويـا بمعن النقط الأوّل.
والصّحـيح أن أوّل مـن وضعه هـو " أبو الأسود الـدؤلي " بـأمر زيـاد بن زيـاد ولـيّ البصـرة في خـلافة مـعـاوية بن أبي سـفيـان . وعـن أبي الأسود أخذ العلمـاء النقط وأدخـلو بعض التحسين الي عن جـاء عصـر الدولة العبـاسـيّة وظهـر العـالم الجـليل " الخـليل بن أحـمد البصـري" فـاخذ نقط أبي الأسود وأدخـل علـيه تحسـينا فجعـل عـلامة الفتح ألفـا صغيرة مفتوحة و..................
نقطـة الأعجـام : وهـو عبـارة عن النقط التي تمـيّز الحـروف بعضـها ببعض.
طبـع المصـحف .
يشـاء الله أن ينشـر كـتابه في الأفـاق بواسـطة الطبـاعة , وهـذه مـرّت بـأطوار التجديد والتحـسين , والطبعـات الألى طبعات أوروبيّة أشـرف عـليهـا مستشرقون.
فقد طبع للمـرّة الأولى في بـندوقـيّة مـن ايـطاليا سـنة 934 هـ / 1530 مـ
ثـمّ قـام هـنكـلمـان بطبع القـرأن في مـدينة هـانبورغ سنة 1694 مـ. و............
4-  محـاولات الوزارة الشؤون الدينيـّة للجمهـوريـّة الاندونيسـيّة في الحفظ على القـرأن .
_  اكـثار من طبـاعة المصحف ونشرهـا وتوزيعهـا.
_  الاسـراف على مـدارس تحفيظ القـرأ ن .
_  عقد مسـابقة تلاوة القر أن . و................................
الدرس السادس
إعجاز القرآن الكريم

المقصود بالإعجاز إثبات العجز. والعجز : اسم للمقصور عن فعل شيء وهو ضد القدرة. وإذا ثبت الإعجاز ظهرت قدرة المعجز.
والمراد بالإعجاز هنا : إظهار صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوى الرسالة بإظهار عجز العرب وغيرهم عن معارضته في معجزته الخالدة وهي القرآن وعجز الأجيال بعدهم.
والمعجزة : أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة يظهره الله على يد نبي.

وجوه إعجاز القرآن الكريم كثيرة منها :
١- النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب.
فمثال, قوله تعالى : ﴿ ذَرْنِيْ وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيْدًا. وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوْدًا ... إلى قوله ... إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ. فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ نَظَرَ. ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ. ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ. فَقَالَ إِنْ هذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ. إِنْ هذَا إِلاَّ قَوْلُ اْلبَشَر.ِ – المدثر : ١١ - ٢٥﴾
٢- الأسلوب العجيب المخالف لجميع الأساليب العربية.
فمثال, قوله تعالى : ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوْفَانَ وَاْلجَرَادَ وَاْلقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُوْا وَكَانُوْا قَوْمًا مُّجْرِمِيْنَ – الأعراف : ١٣٣ ﴾ فإنها خمسة أسماء أخفها في اللفظ (الطوفان, والجراد, والدم), وأثقلها في اللفظ (القمل والضفادع).
٣- الأخبار عن المغيبات التي لا تعرف إلا بالوحي.
- فمثال,غيب الماضي : من قصة نوح, قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ اْلغَيْبِ نُوْحِيْهَآ إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَآ أَنْتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذَا – هود : ٤٩ ﴾
- فمثال,غيب الحاضر : من قصة المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي اْلحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ يُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ اْلخِصَامِ. وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي اْلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيْهَا وَيُهْلِكَ اْلحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ اْلفَسَادَ. – البقرة : ٢٠٤ - ٢٠٥ ﴾
- فمثال,غيب المستقبل : من قصة الروم, قوله تعالى: ﴿ غُلِبَتِ الرُّوْمُ. فِي أَدْنَى اْلأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُوْنَ. – الروم : ٢ - ٣ ﴾
٤- العلوم والمعارف التي اشتمل عليها, يعني العلوم البشرية والعلوم الكونية.
فمثال, قوله تعالى : ﴿ إِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِيْ خَلَقَ. خَلَقَ اْلإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ – العلق : ١ - ٢ ﴾

الدرس السابع
علوم القرآن وموضوعه

١) تعريفها
- علوم القرآن بالمعنى الإضافي : تشير إلى طوا ئف المعارف المتصلة بالقرآن. وتنتظم بتلك العلوم علم التفسير وعلم القراءات, وعلم الرسم العثماني, وعلم إعجاز القرآن, وعلم أسباب النزول, وعلم الناسخ و المنسوخ, وعلم إعراب القرآن, وعلوم الدين, واللغة إلى غير ذلك. وتوسع السيوطي فيها حتى اعتبر منها علم الهيئة والهندسة والطب ونحوها.
- فأما علوم القرآن اصطلاحا, قالها الزرقاني : هي مباحثة تتعلق بالقرأن الكريم من ناحية نزوله وترتيبه وجمعه وكتابته وقراءتة وتفسيره وإعجازه وناسخه ومنسوخه وغير ذالك.
فلذالك العلوم الداخلة في علوم القرآن هي كل علم يتصل بالقرآن من ناحية قرآنيته أو يتصل به من ناحية هدايته أو إعجازه. أما العلوم الكونية والمعارف كعلم الهندسة والحساب وعلم الحيوان والنبات, فإن شيئا من ذالك لا يجمل عده من علوم القرآن, لأن القرآن لم ينزل ليدلل على نظرية من نظريات الهندسة ولا يقرر قانونا من قوانينها. 

٢) موضوعها
- موضوع علوم القرآن بالمعنى الإضافي : هو مجموع موضوعات تلك العلوم المنصوبة تحت لوائها, وموضوع كل واحد منها هو القرآن الكريم من ناحية لفظه وأدائه.
- و موضوع علوم القرآن بالمعنى الإ صطلاحي : هو القرآن الكريم من أيّة ناحية من النواحي, وهي من ناحية نزوله وترتيبه وجمعه وكتابته وقراءته وتفسيره وإعجازه وناسخه ومنسوخه ونحو ذلك.
- وعلم التفسير موضوعه : القرآن الكريم من ناحية شرحه ومعانيه وهلم جرا.

٣) فائد تها
وفائدة هذه العلوم ترجع إلى :
- الثقافة العالية العامة في القرآن الكريم.
- التسلح بالمعارف القيمة فيه إستعدادا لحسن الدفاع عن حمى القرآن.
- السهولة في فهم تفسير القرآن به, كمفتاح للمفسرين.









الدرس الثامن :
الترجمة والتفسير والتأويل
١) مفهوم الترجمة
الترجمة تطلق على معنين :
الأول : الترجمة الحرفية : فهي نقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى مع مراعاة الموافقة في النظم والترتيب والمحافظة على جميع معاني الأصل المُتَرْجَم.
الثاني : الترجمة التفسيريّة أو المعنوية : فهي شرح الكلام وبيان معناه بلغة أخرى بدون مراعاة النظم الأصل, وترتيبه بدون المحافظة على جميع معانيه المرادة منه.
وسُمّيت تفسيرية, لأن فيها حسن التصوير المعاني والأغراض الكاملة, وجعلها تُشــــبّه التفسيـر.
ولهذا قال منّاع القطان : " لا يجد المرأ أدنى شُبهة في حُرمة الترجمة القرآن ترجمة حرفية ".
هناك أربعة شروط لتحقيق معنى الترجمة مطلقا وهي:
أ- معرفة المُتَرْجِم لأوضاع اللغــتيـن , لغةُ الأصلُ ولغة الهدَفِ
ب- معرفة لأساليبهما وخصائصهما,
ت- وفاء الترجمة بجميع معاني الأصل ومقاصدها على وجهٍ مطمئنٍّ,
ث- أن تكونَ صيغة الترجمةِ مستقلةٌ عن الأصلِ كأنها لا أصلَ هناك ولا فرعَ .

٢) معنى التفسير
التفسير في اللغة هو الإيضاح والتبييـن ومنه قوله تعالى ﴿ وَلا يَأتُوْنَكَ بِمَثَلٍ إلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأحْسَنَ تَفْسِيْرًا- الفرقان:٣٣﴾ أي بيانا وتفصيلا. وهو مأخوذ من فسّر وهو الإبانة والكشف.
وأما التفسير في اصطلاح المفسّرين ,
- قال الزّرقاني : هو علم يبحث فيه عن القرآن الكريْم مِن حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشريّة.
- وقال الزركشي : هو علم يعرف به فهم كتاب الله المنزّل على نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه.

٣) معنى التأويل
التأويل أصله في اللغة  "الأوْلُ" وهو الرجوع.
واختلف العلماء في معنى التأويل عند الإصطلاح فيما يلي :
أ- التأويل عند السلف فإنه له معنيان :
١- تفسير الكلام وبيان معناه سواء وافق ظاهره أم خالفه, فيكون التأويل والتفسير على هذا مترادفين. وهذا ما قصده مجاهد من قوله " إن العلماء يعلمون تأويله " يعنى القرآن وتفسير معناه.
٢- نفس المراد بالكلام. فإن كان الكلام طلبا كان تأويله نفس الفعل المطلوب, وإن كان الكلام خبرا كان تأويله نفس الشئ المخبر عنه.
ب- التأويل عند المتأخرين فهو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به. وقال أبو القاسم بن حبيب النيسابوري, إن التأويل هو صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها التي تحتمله الآية بغير مخالف الكتاب والسنة من طريق الاستنباط.
وذكر العلماء الشروط لصحة التأويل كما قالها وهبة الزحيلي:
أ- أن يكون اللفظ قابلا للتأويل.
ب- أن يستند التأويل إلى دليل صحيح يدل على صرف اللفظ عن معنى الظاهر إلى غيره.
ت- أن يكون اللفظ محتملا للمعنى الذي يؤول إليه ولو احتمالا مرجوحا.
ث- أن يكون الناظر في النص المؤول له أهلا للتأويل.

٤) الفرق بين التفسير والتأويل وبين الترجمة والتفسير
أ- الفرق بين التفسير والتأويل
إذا أردنا بالتأويل هو تفسير الكلام وبيان معناه كما أراده المتقدمون, فالتأويل والتفسير على هذا متردفان. فمنه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس : " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ".
ولكن إذا أردنا التأويل هو نفس المراد بالكلام, فعلى هذا يكون الفرق بينهما, منها :
١- التفسير هو شرح وإيضاح للكلام, ويكون وجوده في الذِّهن بتعلقه وفي اللسان بالعبارة الدالة عليه. أما التأويل فهو نفس الأمور الموجودة في الخارج (ليس في الذهن).
٢- التفسير ما وقع مبينا في كتاب الله أو معينا في صحيح السنة لأن معناه قد ظهر ووضح. أما التأويل ما استنبطه العلماء.
٣- التفسير ما يتعلق بالرواية. والتأويل ما يتعلق بالدراية.
٤- التفسير أكثر ما يستعمل في الألفاظ ومفرداتها. والتأويل أكثر ما يستعمل في المعاني والجمل.
٥- التفسير بيان لفظ إلى وجه واحد. والتأويل بيان لفظ إلى معان مختلفة من وجه واحد بما ظهر من الأدلة.
٦- التفسير إخبار عن دليل المراد لأن اللفظ يكشف عن المراد, والكاشف دليل. فأما التأويل إخبار عن حقيقة المراد.
٧- التفسير أعم من التأويل.

ب- الفرق بين الترجمة والتفسير
هناك فروق بين الترجمة والتفسير كما قالها محمد عبد العظيم الزرقاني, منها:
الأول : أن صيغة الترجمة صيغة إستقلالية يراعى فيها الاستغناء عن أصلها. أما التفسير فإنه قائم أبدا على الإرتباط بأصله.
الثاني : إن الترجمة لا يجوز فيها الاستطراد, أماالتفسير فيجوز بل قد يجب فيه الاستطراد, لأن المفروض في الترجمة صورة مطابقة لأصلها. بخلاف التفسير فإن المفروض فيه بيان لأصله وتوضيح له.
الثالث : إن الترجمة تتضمن عرفا دعوى الوفاء بجميع معاني الأصل ومقاصدها, أماالتفسير فإنه قائم على كمال الإيضاح سواء كان هذا الإيضاح بطريق إجمالي أو تفصيلي.




الدرس التاسع :
التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي
١) معنى التفسير بالمأثور
- قال محمد علي الصابوني : أن التفسير بالمأثور هو ما جاء في القرآن أو السنة أو كلام الصحابة بيانا لمراد الله تعالى من كتابه. ويسمى أيضا بتفسير الرواية, أو التفسير بالنقل (بالمنقول)
- وقال مناع القطان : إن التفسير بالمأثور هو الذي يتعمد على صحيح المنقول من تفسير القرآن بالقرآن أو بالسنة لأنها جاءت مبينة لكتاب الله أوبما روي عن الصحابة لأنهم أعلم الناس بكتاب الله, أو بما قاله كبار التابعين لأنهم تلقوا ذالك غالبا عن الصحابة.
فمثال ما جاء تفسيره في القرآن قوله ﴿ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيْمَةُ اْلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ – المائدة : ١ ﴾ فقد جاء تفسير قوله "إلا ما يتلى عليكم" في آية كريمة أخرى وهي قوله تعالى ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اْلمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ اْلخِنِزِيْرُ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ – المائدة : ٣ ﴾.
ومثال ما جاء في السنة تفسير القرآن أنه صلى الله عليه وسلم فسر الظلم بالشرك في قوله تعالى ﴿ اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا وَلَمْ يَلْبِسُوْا إِيْمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أولَئِكَ لَهُمُ اْلأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُوْنَ – الأنعام : ٨٢ ﴾
لذالك فالتفسير بالمأثور من أجود أنواع التفسير إذا صح سنده إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى الصحابة. وذكر الزرقانى نقولا عن الإمام أحمد : أن التفسير بالمأثور نوعان :
أحدهما : ما توافرت الأدلة على صحته وقبوله, وهذا لا يليق بأحد أن يرده, ولا يجوز إهماله وإغفاله.
ثانيهما : ما لم يصح روايته لسبب من الأسباب. وهذا يجب رده ولا يجوز قبوله ولا الإشتغال به.

أ- التعريف بكتب التفسير بالمأثور
أشهر كتب التفسير بالمأثور :
١- جامع البيان في تفسير القرآن " محمد بن جرير الطبري "
٢- بحر العلوم " نصر بن محمد السمرقندي "
٣- الكشف والبيان " أحمد إبراهيم الثعلبي النيسابوري "
٤- معالم التنزيل " الحسين بن مسعود البغوي "
٥- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " عبد الحق بن غالب الأندلوسي "
٦- تفسير القرآن العظيم " أبو الفداء الحافظ إبن كثير "
٧- الدر المنثور في التفسير بالمأثور " جلال الدين السيوطي "
٨- فتح القدير " الشوكاني "
وغير ذالك من كتب التفسير بالمأثور



٢) معنى التفسير بالرأي
التفسير بالرأي : هو ما يتعمد فيه المفسر في بيان معاني القرآن على إجتهاده لا على المأثور المنقول عن الصحابة أو التابعين. ويسمى أيضا بتفسير الدراية, أو التفسير بالعقل (بالمعقول), أو التفسير بالإجتهادي.
المراد بالرأي هنا الإجتهاد المبني على أصول صحيحة وقواعد سليمة, كاالإعتماد على اللغة العربية وفهم أسلوبها على طريق العرب ومعرفة طريق التخاطب عندهم وغيرها من العلوم التي يحتاج إليها المفسر.
فالرأي المجرد الذي لا شهد له ولا إستدلال عليه بالأصول فهو مخطئ مذموم. وعليه يحمل الحديث : من كذب علي متعمدا فاليتبوأ مقعده من النار, ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار – رواه الترمذي عن ابن عباس.
وعلى هذا قسم محمد علي الصابوني على التفسير بالرأي إلى قسمين : محمود و مذموم.
فالمحمود : هو ما كان موافقا لغرض الشارع, بعيدا عن الجهالة متمشيا مع القواعد اللغة العربية, متعمدا على أساليبها في فهم نصوص القرآنية.
فأما المذموم : هو أن يفسر القرآن بدون علم, أو يفسره حسب الهوى, مع الجهالة بقوانين اللغة الشرعية, أو يحمل كلام الله على مذهب الفاسد.

أ- التعريف بكتب التفسير بالرأي
أشهر كتب التفسير بالرأي :
١- مفاتيح الغيب " محمد بن عمر الحسين الرازي "
٢- أنوار التنزيل وأسرار التأويل " عبد الله بن عمر البيضاوي "
٣- مدارك التنزيل وحقائق التأويل " عبد الله بن أحمد النسفي "
٤- إرشاد العقل السليم " محمد بن مصطفى الطحاوي "
٥- البحر المحيط " محمد بن يوسف بن حيان الأندلوسي "
٦- روح المعاني " شهاب الدين محمد الألوسي البغدادي "
٧- السراج المنير " محمد الشربيني الخطيب "
٨- تفسير الجلالين " جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي "
وغير ذالك من كتب التفسير بالرأي












الدرس العاشر :
العلوم التي يحتاجها المفسر
١) العلوم التي يجب توفرها فى المفسر
وقد ذكر العلماء أنواع العلوم التي يجب توفرها في المفسر نقولا عند السيوطي, منها :
١- معرفة اللغة العربية, لأن بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع, ويعرف المفردات والتركيب. قال مجاهد : لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغة العرب.
٢- معرفة النحو, لأن المعنى يتغير ويختلف بإختلاف الإعراب.
٣- معرفة التصريف, لأن المعنى يتغير ويختلف بإختلاف التصريف.
٤- معرفة الإشتقاق, لأن الإسم إذا كان إشتقاقه من مادتين مختلفتين إختلاف المعنى بإختلافهما.
٥- معرفة المعاني, لأنه يعرف تركيب الكلام من جهة إفادة المعنى. معرفة البديع, لأنه يعرف تركيب الكلام من جهة تحسين الكلام. معرفة البيان, لأنه يعرف تركيب الكلام من جهة وضوح الكلام بالدلالة. وهذه العلوم (المعاني, البديع, البيان) هي علوم البلاغة وهي من أعظم أركان المفسر.
٦- معرفة القراءات, لأنه يعرف به كيفية النطق بالقرآن ويترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض.
٧- معرفة أصول الدين أو علم التوحيد وبه يستطيع المفسر أن يستدل على ما يجب فى حقه تعالى وما يجوز وما يستحيل, وأن ينظر في الآيات المتعلقة بالنبوات والمعاد ونحو ذالك.
٨- معرفة أصول الفقه, لأن به يعرف الإستدلال على الأحكام وكيف الإستنباط.
٩- معرفة أسباب النزول, لأن بها أثر كبير في فهم معاني القرآن وكشف الغموض الذي لا يكشف بعض الآيات في تفسيرها ما لم يعرف سبب نزولها. قال الواحدي : " لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها ".
١٠- معرفة القصص, لأن بها تفصيلا يعين على توضيح ما أجمل منها في القرآن.
١١- معرفة الناسخ والمنسوخ, ليعلم المحكم من غيره, ومن فقد هذه الناحية ربما أفتى بحكم منسوخ فيقع في الضلال والإضلال.
١٢- معرفة الأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم ليستعين بها على توضيح ما يشكل عليه.
١٣- علم الموهبة, وهي علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم, ولا يناله  من في قلبه بدعة أو كبر أو ميل إلى المعاصي.

٢) العلوم التي يستكمل بها المفسر
للمفسر بجانب مهارته في العلوم التي قد ذكرناها أن يكون متبحرا في العلوم التي تساعد على وظيفته, مثل: علم البيولوجيا, علم الطب, علم النجوم, علم الفيزياء, علم الإقتصادية \ الإقتصاد, علم الزراعية \ الزراعة, علم الإجتماعية \ الإجتماع, وغير ذالك.
بمعرفة تلك العلوم سيجتنب المفسر من الأخطاء في فهم القرآن وتفسير آيات تتعلق بتلك العلوم. قال الأستاذ قريش شهاب : "يحتمل المفسر الوقوع في الخطاء في تفسير الآيات الكونية إن لم تكن له معرفة بعلوم تتعلق بها".

الدرس الحادي عشر :
نزول القرآن على سبعة أحرف
١) أدلة نزول القرآن على سبعة أحرف
لا سبيل إلى الإستدلال على هذا إلا مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنها :
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلمَ : أقْرَأنِيْ جِبْرِيْلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ فَلَمْ أزَلْ أسْتَزِيْدُهُ وَيَزِيْدُنِيْ حَتَّى إنْتَهَى إلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ (أخرجه البخاريُّ ومسلمُ وغيرُهما)
عن ابن قيسٍ مولى عمرو بن العاصِ عن عمرو أنَّ رَجُلاً قَرَأ مِنَ اْلقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ عَمْرُوْ : إنَّمَا كَذَا وَكَذَا فَذَكَرَ ذَالِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلّمَ فقال : إنَّ هَذَا اْلقُرْآنُ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ, فَأيَّ ذَالِكَ قَرَأْتُمْ أصَبْتُمْ فَلاَ تُمَارُوْا (أخرجه الإمامُ أحمدُ)
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلمَ : كَانَ اْلكِتَابُ اْلأَوَّلُ يَنْزِلُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَعَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ, وَنَزَلَ اْلقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أبْوَابٍ وَعَلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ : زَجْرٍ وَأمْرٍ وَحَلاَلٍ وَحَرَامٍ وَمُحْكَمٍ وَمُتَشَابِهٍ وَأمْثَالٍ (أخرجه الحاكمُ والبيهقيُّ)

٢) معنى سبعة أحرف
اختلف العلماء في تفسير هذه الأحرف اختلافا كثيرا, حتى قال ابن حيان : اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا, وأشهرها :
أ- أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد. أي لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني.
واختلف العلماء في تحديد اللغات السبع, فمنهم من يقول : إنها لغات قريش, وهذيل, وثقيف, وهوازن, وكنانة, وتميم, واليمن. ومنهم من يقول : نزل القرآن بلغة قريش, وهذيل, وتميم, والأزد, وربيعة, وهوازن, وسعد بن بكر.
ب- إن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن, أي لغات سبعة متفرقة في سور القرآن.
ت- أن المراد بالأحرف السبعة أوجه سبعة : من الأمر والنهي والحلال والحرام والمحكم والمتشابه والأمثال.
ث- أن المراد بالأحرف السبعة : وجوه التغاير السبعة التي يقع فيها الإختلاف, وهي :
١. اختلاف الأسماء بالإفراد والتذكير وفروعهما, كقوله تعالى ﴿ وَالَّذِيْنَ هُمْ ِلأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُوْنَ – المؤمنو:٨﴾ قرئ (لأَمَانَاتِهِمْ) بالجمع, وقرئ (لأَمَانَتِهِمْ) بالإفراد.
٢. الإختلاف في وجوه الإعراب, كقوله تعالى ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ – البقرة:٣٧ ﴾ قرئ بضم (آدَمُ) وبكسر (كَلِمَاتٍ), وقرئ بنصب (آدَمَ), وبرفع (كَلِمَاتٌ).
٣. الإختلاف في التصريف, كقوله تعالى ﴿ فَقَالُوْا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أسْفَارِنَا – سبأ:١٩﴾ قرئ بنصب (رَبَّنَا) على أنه منادى مضاف و(باَعِدْ) بصيغة الأمر, وقرئ (رَبُّنَا) بالرفع و(باَعَدَ) بفتح العين على أنه فعل ماض.
٤. الإختلاف بالتقديم والتأخير, كقوله تعالى: ﴿ أفَلَمْ يَيْأَسْ – الرعد:٣١ ﴾ وقرئ ﴿ أفَلَمْ يَأْيَسْ ﴾
٥. الإختلاف بالإبدال, سواء كان إبدال حرف بحرف أو إبدال لفظ بلفظ, كقوله تعالى: ﴿ وَانْظُرْ إلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا – البقرة:٢٥٩ ﴾ وقرئ بالزاي المعجمة مع الضم النون, وقرئ (نَنْشِرُهَا) بالراء المهملة مع فتح النون. وقوله تعالى: ﴿ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوْشِ – القارعة:٥ ﴾ قرأ ابن مسعود وغيره ﴿ كَالصَّوْفِ الْمَنْفُوْشِ﴾
٦. الإختلاف بالزيادة والنقص, فالزيادة كقوله تعالى: ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِيْ تَحْتَهَا اْلأَنْهَارُ – التوبة:١٠٠﴾, قرئ (مِنْ تَحْتَهَا اْلأَنْهَارُ) بزيادة (من), وهما قراءتان متواترتان. والنقص كقوله تعالى: ﴿ وَقَالُوْا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا – البقرة:١١٦﴾ قرئ ﴿ قَالُوْا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا ﴾ بدون الواو.
٧. اختلاف اللهجات بالتفخيم والترقيق والفتح والإمالة والإظهار والإدغام والهمز والتسهيل والإشمام, ونحو ذالك كالإمالة وعدمها في مثل قوله تعالى : ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيْثُ مُوْسَى – طه:٩ ﴾ قرئ بإمالة (أتى) و (موسى), وترقيق الراء في قوله تعالى: ﴿ خَبِيْرًا بَصِيْرًا ﴾, وتفخيم اللام في ﴿ الطلاق ﴾, وتسهيل الهمزة في قوله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ اْلمُؤْمِنُوْنَ – المؤمنوم:١ ﴾, وإشمام الغين ضمة مع الكسر في قوله تعالى: ﴿ وَغِيْضَ اْلمَاءُ – هود:٤٤ ﴾
ج- وقال بعضهم إلى أن العدد سبعة لا مفهوم له, وإنما هو رمز إلى ما ألفه العرب من معنى الكمال في هذا العدد, فهو إشارة إلى أن القرآن في لغته وتركيبه كامل, فلفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة والكمال في الآحاد كما يطلق السبعون في العشرات والسبعمائة في المئين ولا يراد العدد المعين.
ح- وقال جماعة : إن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع, بأن القرآن غير القراءات. القرآن هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز, والقراءات هي اختلاف في كيفية النطق بألفاظ الوحي من تخفيف, أو تثقيل, أو مد أو نحو ذالك.

والراجع من هذه الأراء جميعا هو الرأي الأول, وأن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغة العرب في المعنى الواحد, نحو أقبل, وتعال, وهلم, وعجل, وأسرع, فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد, وإليه ذهب سفيان بن عيينة وابن جرير وابن وهب ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء.
ويدل ما جاء في الحديث: قرأ رجل عند عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فغير عليه فقال: لقد قرأتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يغير عليَّ, قال: فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله, أَلَمْ تُقْرِئْنِيْ آيةَ كذا كذا ؟ قال: بلى, قال: فَوَقَعَ في صَدْرِ عُمَرَ شَيْءٌ فَعَرَفَ النبي صلى الله عليه وسلم ذالك في وَجْهِهِ قال: فَضَرَبَ صَدْرَهُ وقال: إِبْعَدْ شَيْطَانًا – قالها ثلاثا – ثم قال: يا عمر إنَّ القُرْآنَ كُلُّهُ صَوَابٌ مَا لَمْ تُعْجَلْ رَحْمَةٌ عَذَابًا أو عَذَابًا رَحْمَةٌ ( أخرجه أحمد بإسناد رجاله ثقات وأخرجه الطبري ).

٣) حكمة نزول القرآن على سبعة أحر
أ- تيسير القراءة والحفظ على قوم أميين. عن أبي قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء, فقال: إني بعثت إلى أمة أميين, منهم الغلام والخادم والشيخ العاس والعجوز, فقال جبريل: فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف ( رواه أحمد وأبو داود والترمذي بإسناد صحيح ).
ب- إعجاز القرآن للفطرة اللغوية عند العرب. لأن المناحي التأليف الصوتي للقرآن يكافئ فروع اللسانية عند العرب. وحينما تحدى به الرسول العرب ومع اليأس من معارضته.
ت- إعجاز القرآن في معانيه وأحكامه. فإن تقلب الصور اللفظية في بعض الأحرف والكلمات يتهيأ معه استنباط الأحكام, ولهذا احتج الفقهاء في الإستنباط والإجتهاد بقراءات الأحرف السبعة.
الدرس الثاني عشر :
القراءات والقراء
١) القراءات والقراء
القراءات جمع قراءة وهي مصدر لقرأ, وفي الإصطلاح مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق منها سواء كانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. وهي ثابتة بأسانيدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويرجع عهد القراء الذين أقام الناس على طرائقهم في التلاوة إلى عهد الصحابة.
وذكر الذهبي أن المشتهرين بقراء القرآن من الصحابة سبعة : عثمان, وعلي, وأبي, وزيد بن ثابت, وأبو الدرداء, وابن مسعود, وابو موسى الأشعري. وأخذ عن هؤلاء الصحابة كثير من التابعين في كل مصر من الأمصار, والأئمة السبعة الذين اشتهروا من هؤلاء في الآفاق هم : أبو عمرو, ونافع, وعاصم, وحمزة, والكسائي, وابن عامر, وابن كثير.

٢) كثرة القراء والسبب في الإقتصار على السبعة
قراءات أولئك السبعة هي المتفق عليها, وقد اختار العلماء من أئمة القراءة غيرهم ثلاثة صحت قراءتهم وتواترت وهم : أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني, ويعقوب بن اسحاق الحضرمي, وخلف بن هشام. وهؤلاء وأولئك هم أصحاب القراءات العشر, وما عداهم فشاذ. واختيار القراء السبع إنما هو للعلماء المتأخرين في المائة الثالثة وإلا فقد كان الأئمة الموثوق بعلمهم كثيرين.
والسبب في الإقتصار على السبعة, لأن أئمة القراء من هو أجل منهم قدرا أو مثلهم إلى عدد كثير, فلما تقاصرت الهمم اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة.
فأما القراء السبعة المشهورون الذين ذكرهم أبو بكر بن مجاهد وخصهم بالذكر لما اشثهروا به من الضبط والأمانة وطول العمر في ملازمة القراءة واتفاق الآراء على الأخذ عنهم, فهم : (١) نافع المدني, هو أبو رويم نافع عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني. (٢) ابن عامر الشامي, اسمه عبد الله اليحصبي. (٣) عاصم الكوفي, هو عاصم بن أبي النجود. (٤) حمزة الكوفي, هو أبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات الكوفي. (٥) أبو عمرو بن العلاء شيخ الرواة, هو زبان بن العلاء بن عمار المزني البصري. (٦) ابن كثير, هو أبو محمد عبد الله بن كثير الداري. (٧) الكسائي, هو أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي.

٣) أنواع القراءات وحكمها وضوابطها
أ- ضوابط القراءة الصحيحة :
١- أن توافق القراءة العربية بوجه من الوجوه, سواء كان أفصح أم فصيحا. لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها بالإسناد لا بالرأي.
٢- أن توافق القراءة أحد المصاحف العثمانية ولو إحتمالا. لأن الصحابة في كتابة المصحف العثماني اجتهدوا في الرسم على حسب ما عرفوا من لغات القراءة.
٣- وأن تكون القراءة مع ذالك صحيحة الإسناد. لأن القراءة سنة متبعة يتعمد فيها على سلامة النقل وصحة الرواية.

ب- أنواع القراءات ستة :
١- المتواتر : وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهاه __ وهذا هو الغالب في القراءات.
٢- المشهور: وهو ما صح سنده ولم يبلغ دراجة المتواتر, ووافق العربية والرسم, واشتهر عند القراء فلم يعدوه من الغلط, ولا من الشذوذ __ وذكر العلماء في هذا النوع أنه يقرأ به.
٣- الآحاد    :  وهو ما صحة سنده, وخالف الرسم, أو العربية, أو لم يشتهر الإشتهار المذكور __ وهذا لا يقرأ به. ومن أمثلته ما روي عن ابن عباس أنه قرأ ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ أَنْفَسِكُمْ – التوبه: ١٢٨﴾ بفتح الفاء.
٤- الشاذ     : وهو ما لم يصح سنده. كقراءة ﴿مَلَكَ يَوْمَ الدِّيْنِ–الفاتحة: ٤﴾ بصيغة الماضي, ونصب (يوم)
٥- الموضوع : وهو ما لا أصل له.
٦- المدرج    : وهو ما زيد في القراءات على وجه التفسير. كقراءة ابن عباس ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوْا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ في مَوَاسِمِ الْحَجِّ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ – البقرة: ١٩٨﴾ فقوله (في مواسم الحج) تفسير مدرج في الآية.

٤) فوائد الإختلاف في القراءة الصحيحة
١- الدلالة على صيانة كتاب الله وحفظه من التبديل والتحريف مع كونه على هذه الأوجه الكثيرة.
٢- التخفيف عن الأمة وتسهيل القراءة عليها.
٣- إعجاز القرآن في إيجازه.
٤- بيان ما يحتمل أن يكون مجملا في قراءة أخرى.

٥) التجويد
للعلماء قديما وحديثا عناية بتلاوة القرآن حتى يكون النطق صحيحا, ويعرف هذا عندهم بتجويد القرآن. وعرفوا التجويد بأنه: إعطاء الحروف حقوقهما وترتيبهما, ورد الحرف إلى مخرجه وأصله, وتلطيف النطق به على كمال هيئته من غير إسرف ولا تعسف ولا إفراط ولا تكلف. وقال ابن الجزري : ولا أعلم لبلوغ النهاية في التجويد مثل رياضة الألسن والتكرار على اللفظ المتلقى من فم المحسن.
وقد عد العلماء القراءة بغير تجويد لحنا, واللحن : خلل يطرأ على الألفاظ, منه الجلي والخفي. فالجلي : هو الذي يخل باللفظ إخلالا ظاهرا يشترك في معرفته علماء القراءة وغيرهم, وذالك كالخطاء الإعرابي أو الصرفي. والخفي : هو الذي يخل باللفظ إخلالا يختص بمعرفة العلماء القراءة وأئمة الأداء الذين ب تلقوه من أفواه العلماء ضبطواه من ألفاظ أهل الأداء.

٦) آداب التلاوة
ويستحب لقارئ القرآن :
١- أن يكون على وضوء, لأن ذالك من أفضل الذكر, وإن كانت القراءة للمحدث جائزة.
٢- وأن يكون في مكان نظيف طاهر, مراعاة لجلال القراءة.
٣- وأن يقرأ بخشوع وسكينة ووقار.
٤- وأن يستاك قبل البدء في القراءة.
٥- وأن يتعوذ في بدايتها. لقوله تعالى ﴿فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم – النحل: ٩٨﴾ وأوجب الإستعاذة بعض العلماء.
٦- وأن يحافظ على البسملة في مطلع كل سورة سوى (براءة) لأنها آية على الرأي الراجح.
٧- وأن تكون قراءته ترثيلا, يعطي الحروف حقها من المد والإدغام. قال تعالى ﴿ورتل القرآن ترتيلا –المزمل:٤﴾
٨- وأن يتدبر ما يقرأ, لأن هذا هو المقصود الأعظم, والمطلوب الأهم. وذالك بأن يشتغل قلبه بالتفكير في معنى ما يقرأ, ويتجاوب مع كل آية بمشاعره وعواطفه, دعاء واستغفارا ورحمة وعذابا. قال تعالى ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته – ص: ٢٩﴾
٩- وأن يتأثر بآيات القرآن وعدا ووعيدا, فيحزن ويبكي لآيات الوعيد فزعا ورهبة وهولا. قال تعالى ﴿ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا – الإسراء: ١٠٩﴾
١٠- وأن يحسن صوته بالقراءة, فإن القرآن زينة للصوت, والصوت الحسن أوقع في النفس. وفي الحديث : "زينوا القرآن بأصواتكم".
١١- أن لا تكون المبالغة في التجويد إلى حد الإفراط والتكلف, لأنها زيادة للحروف في غير موضعها, كأولئك الذين يقرأون القرآن اليوم بنغم شجي يتردد فيه الصوت و بالوقع الموسيقي والعزف على آلات الطرب. ومن أنواع أقسام النغم :
الترعيد : هو أن يرعد القارئ صوته, قالوا : كأنه يرعد من البرد أو الألم.
الترقيص : هو أن يروم السكوت على الساكن ثم ينقر مع الحركة كأنه في عدو أو هرولة.
التطريب : هو أن يترنم بالقرآن ويتنغم به فيمد في غير المواضع المد إن أصاب موضعه.
التحزين : هو أن يأتي القراءة على وجه حزين يكاد يبكي مع خشوع وخضوع.
الترديد : هو رد الجماعة على القارئ في ختام قراءته بلحن واحد على وجه من تلك الوجوه.

الدرس الثالث عشر :
القواعد التي يحتاج إليها المفسر
۱) الضمائر
وأصل وضع الضمير للإختصار فهو يغني عن ذكر ألفاظ كثيرة ويحل محلها مع سلامة المعنى وعدم التكرار. ومثال : فقد قام ضمير "هم" في قوله تعالى : ﴿ أعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأجْرًا عَظِيْمًا – الأحزاب: ۳۵ ﴾ مقام عشرين كلمة لو أتى بها مظهرة هي المذكور في صدر الآية ﴿ إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأجْرًا عَظِيْمًا  – الأحزاب: ۳۵ ﴾

۲) التعريف والتنكير
أ- للتعريف مقامات, منها :
١. بالإضمار, لأن المقام مقام المتكلم أو الخطاب أو الغيبة.
٢. بالعلمية, منها :
- إرادة التعظيم, كقوله تعالى : ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ – الفتح: ٢٩ ﴾
- إرادة التحقير, كقوله تعالى : ﴿ تَبَّتْ يَدَا أبِيْ لَهَبٍ وَتَبَّ – اللهب: ١ ﴾
٣. بالإشارة, منها :
- إرادة القرب, كقوله تعالى : ﴿ هَذا خَلْقُ اللهِ فَأرُوْنِيْ مَاذَا خَلَقَ الَّذِيْنَ مِنْ دُوْنِهِ – لقمان:١١ ﴾
- إرادة البعد, كقوله تعالى : ﴿ وَأُوْلَئِكَ هُمُ اْلمُفْلِحُوْنَ – البقرة:٥ ﴾
٤. بالموصول, منها :
- إرادة العموم, كقوله تعالى : ﴿ والَّذِيْنَ جَاهَدُوْا فِيْنَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا – العنكبوت:٦٩ ﴾
- إرادة الإختصار, كقوله تعالى : ﴿ يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا لاَ تَكُوْنُ كَالَّذِيْنَ آذَوْا مُوْسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوْا – الأحزاب:٦٩ ﴾
٥. بالألف واللام, منها :
- إرادة الإشارة إلى معهود ذكري, كقوله تعالى : ﴿ اللهُ نُوْرُ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ, مَثَلُ نُوْرِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيْهَا مِصْبَاحٌ: اَلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ: اَلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ – النور:٣٥ ﴾
- إرادة الإشارة إلى معهود حضوري, كقوله تعالى : ﴿ اَلْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ – المائدة:٣ ﴾
- إرادة الإستغراق الأفراد, كقوله تعالى : ﴿ إنَّ اْلإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ – العصر:٢ ﴾


ب- للتنكير مقامات, منها :
۱. إرادة الوحدة, كقوله تعالى : ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أقْْصَى اْلمَدِيْنَةِ يَسْعَى – يس: ۲۰ ﴾ أي رجل واحد.
۲. إرادة النوع, كقوله تعالى : ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أحْرَصَ النَّاسِ عَلىَ حَيَاةٍ – البقرة: ۹٦ ﴾ أي نوع من الحياة وهو طلب الزيادة في المستقبل لأن الحرص لا يكون على الماضي ولا على الحاضر.
٣. إرادة الوحدة والنوع معا, كقوله تعالى : ﴿ وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ – النور: ٤٥ ﴾ أي كل نوع من أنواع الدواب من أنواع الماء, وكل فرد من أفراد الدواب من فرد من أفراد النظف.
٤. إرادة التعظيم, كقوله تعالى : ﴿ فَأْذَنُوْا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ – البقرة: ٢٧٩ ﴾ أي حرب عظيمة.
٥. إرادة التكثير, كقوله تعالى : ﴿ أإنَّ لَنَا لأجْرًا – الشعراء: ٤١ ﴾ أي أجرا وفيرا.
٦. إرادة التعظيم والتكثير معا, كقوله تعالى : ﴿ وَإنْ يُكَذِّبُوْكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ – فاطر: ٤ ﴾ أي رسل عظام ذو عدد كثير.
٧. إرادة التحقير, كقوله تعالى : ﴿ مِنْ أيِّ شَيْئٍ خَلَقَهُ. من نطفة خلقه فقدره – عبس: ١٨-١٩ ﴾ أي من شيئ هين حقير وغيرها.

٣) الإفراد والجمع
بعض ألفاظ القرآن يكون إفراده لمعنى خاص, وجمعه لإشارة معينة, أو يؤثر جمعه على إفراده أو العكس. فمثال :
- نوع ألفاظ لم تأت في القرآن إلا مفردة, كلفظة (الأرض), ولما أريد جمعها جمعت في صورة جميلة ليس لها مثال, كقوله تعالى :  ﴿ اللهُ الَّذِيْ خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ اْلأرْضِ مِثْلَهُنَّ – الطلاق: ١٢ ﴾ ولم يقل تعالى ﴿سَبْعَ اْلأرْضِيْنَ﴾ لما في ذالك من الخشونة واختلاف النظم.
- نوع ألفاظ لم تأت في القرآن إلا مجموعة, كلفظة (الألباب), كقوله تعالى :  ﴿ إنَّ فِي ذَالِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِى اْلأَلْبَابِ – الزمر: ٢١ ﴾ ولم تجيئ في القرآن مفردتها (اَللُّبُّ \ اللباب) بل جاء مرادفها (اَلْقَلْبُ) كقوله تعالى ﴿إنَّ فِي ذَالِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ – ق: ٣٧ ﴾
ومن ذالك إفراد (النور) وجمع (الظلمات), وإفراد (سبيل الحق) وجمع (سبل الباطل) لأن طريقة الحق واحدة وطرق الباطل متعددة.

٤) السؤال والجواب
الأصل في الجواب أن يكون مطابقا للسؤال, لكن أن يكون الجواب غير مطابقا للسؤال :
- أن يكون الجواب ببيان حكمة ذالك تنبيها على أن الأهم السؤال عن ذالك لا ما يسئل عنه. مثال : فقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الهلال : لما يبدء دقيقا مثل الخيط ثم يزيد قليلا قليلا حتى يمتلئ, ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ. فالجواب من قوله تعالى : ( يَسْألُوْنَكَ عَنِ اْلأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيْتُ لِلنَّاسِ فِي اْلحَجِّ  – البقرة: ١٨٩ )
- أن يكون الجواب أعم من السؤال للحاجة إليه. مثال : السؤال من قوله تعالى : ( مَنْ يُنَجِّيْكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ اْلبَرِّ وَاْلبَحْرِ  – الأنعام: ٦٣ ), فالجواب من قوله تعالى : ( قُلِ اللهُ يُنَجِّيْكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ  – الأنعام: ٦٤ )
- أن يكون الجواب أخص من السؤال للحاجة إليه. مثال : السؤال من قوله تعالى : ( اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أوْ بَدِّلْهُ  – يونس: ١٥ ), فالجواب من قوله تعالى : ( قُلْ مَا يَكُوْنُ لِيْ أنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِيْ – يونس: ١٥ )
٥) ما يظن أنه مترادف وليس من المترادف
من ذالك :
- الخوف و الخشية : فالخشية أعلى من الخوف وهي أشد منه.
أن الخشية تكون من عظم المخشي وإن كان الخاشي قويا, فهي خوف يشوبه تعظيم, مثال : قوله تعالى: ( إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ اْلعُلَمَاءُ – فاطر:٢٨).
و أما الخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرا يسيرا, مثال : قوله تعالى : ( فَمَنْ تَبِعَ هُدَيَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُوْنَ – البقرة : ٣٨ )
- السبيل و الطريق : فالسبيل أخص من الطريق.
أن السبيل يكون فيه سهولة, و أغلب وقوعا في الخير, منه قوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ قُتِلُوْا فِي سَبِيْلِ اللهِ أمْوَاتًا – آل عمران : ١٦٩ ), فيكاد لا يراد به السوء إلا مقترنا بما يدل على ذالك من وصف أو إضافة, منه قوله تعالى : ( وَالَّذِيْنَ كَفَرُوْا يُقَاتِلُوْنَ فِي سَبِيْلِ الطَّاغُوْتِ – النساء : ٧٦ ).
وأما الطريق لا يكون فيه سهولة, و أغلب وقوعا في السوء, منه قوله تعالى : ( إلاَّ طَرِيْقَ جَهَنَّمَ خَالِدِيْنَ فِيْهِ أبَدًا – النساء : ١٦٩ ), فيكاد لا يراد به الخير إلا مقترنا بما يدل على ذالك من وصف أو إضافة, منه قوله تعالى : ( يَهْدِيْ إلىَ اْلحَقِّ وَإلىَ طَرِيْقٍ مُسْتَقِيْمٍ – الأحقاف : ٣٠ ).
- وغير ذالك من الألفاظ.
Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url